
الوسطية.. بين ضغط الحكام وأهواء العوام
قدم الدكتور عصام أحمد البشير، نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في حديثه لبرنامج “الشريعة والحياة في رمضان” شرحا مفصلا لمفهوم الوسطية في الإسلام، محذرا ممن يتهجم على الثوابت بدعوى التجديد.
وشرح الدكتور عصام خلال استضافته في برنامج “الشريعة والحياة في رمضان” بتاريخ 2022/4/3 معنى الوسطية، وأرجع دلالتها اللغوية إلى 3 معان هي العدل والخيرية والتوازن المحمود الذي يعصم الفرد أن يكون بين طرفي الإفراط والتفريط.
ودل القرآن الكريم -يضيف الدكتور عصام- على الوسطية بمعان كثيرة منها “الصراط المستقيم”، والدعوة إلى الاستقامة، والنهي عن الغلو. وقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام “إياكم والغلو في الدين”.
والمعنى الجامع لكلمة الوسطية من خلال الدلالات المذكورة آنفا، بحسب ما يرى نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، هو أن يقدم الإسلام منهاجا هاديا للمكان والزمان والإنسان، موصولا بالواقع، مشروحا بلغة العصر، ومنفتحا على الاجتهاد والتجديد، ومتطورا في الوسائل والآليات وثابتا ومرنا في الفروع والجزئيات وميسرا في الفتوى.
وعن كيفية تحقق مفهوم الوسطية بين المتشددين والمفرطين المتساهلين، يرى الدكتور البشير، أن تعليم الحق واجب يراعى فيه طبيعة المخاطبين، والسقف العقلي لهؤلاء المخاطبين، وثالثا مراعاة التدرج والمرحلية، ليس في التحليل والتحريم وإنما في سياسة التطبيق.
واعتبر أن سلوك من يكفرون الناس ينشأ من قلة العلم، وأن قضية التكفير لها شروط ينبغي أن تتحقق وموانع ينبغي أن تنتفي، وليس إطلاق الكفر العام يترتب عليه تكفير الشخص المعني، داعيا إلى ضرورة أن يتصدى الراسخون من أهل العلم لسلوك المكفرين.
كما تأسف نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين لكون العلم الشرعي أصبح مثل الكلأ المباح، مستغربا من أن الناس يحترمون التخصص في كل جوانب المعرفة الإنسانية، إلا في الدين.
وبشأن مفهوم الوسطية في العبادات، أشار إلى أن الإنسان مركب من عنصرين، الطين والروح، وأن النظرة الوسطية تتأسس على التزاوج بين هذين العنصرين. وقد قدم الرسول -صلى الله عليه وسلم- الوسطية للناس، حيث كان يعبد الله سبحانه وتعالى حتى تورمت قدماه وكان أيضا يعيش بقية جوانب الحياة.
أخطر ما تواجهه الوسطية
وعن كيفية مواجهة ظاهرة التهجم على الثوابت، يرى نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن من أخطر ما تواجهه الوسطية في العصر الحالي أن هذه الوسطية يتم تدجينها، إما بضغط الحكام، أي أن تفصل لهم الفتوى وفق ما يشتهون، أو بأهواء العوام، حيث يقوم الداعية بتقديم ما يطلبه المستمعون مثله مثل الفنان.
ويشير الدكتور البشير إلى أن هناك هجمة مسستترة على ثوابت الدين، فهناك تشكيك في السنة وفي الصحابة، وفي علم أصول الفقه بدعوى التجديد، وقال إن من واجب العلماء تعريف ثوابت الإسلام والدفاع عنها، وأن يبينوا خطر من يهاجمون الدين بدعوى الوسطية.