
هل السنة النبوية حجية كالقرآن الكريم؟
قال الشيخ الدكتور عصام البشير نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إن السنة النبوية تمثل الوحي التالي للقرآن الكريم، وتأتي على 3 أوجه: مؤكدة للقرآن، ومبينة له، ومستقلة بتشريع لم يرد بالقرآن.
أوضح البشير أن السنة تُعرف في اللغة بالطريقة، ويُراد بها شرعا ما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم من أقوال وأفعال وتقريرات، وتمثل الوحي التالي للقرآن الكريم.
وقد قرن الله تعالى طاعته بطاعة النبي فقال “من يطع الرسول فقد أطاع الله”، وقرن بيعته ببيعة رسوله فقال “إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله”، وقرن رضوانه برضوان نبيه حين قال “والله ورسوله أحق أن يرضوه”، وقرن استجابته باستجابة النبي فقال “يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم”، وقرن محبته باتباعه فقال “قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله”، فكل هذه الاقترانات تؤكد أن السنة قرينة القرآن كما قال النبي “وإنهما (أي القرآن والسنة) لن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض”.
وأضاف الشيخ البشير أن أهل العلم يحتجون بقول الله تعالى “وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا” في أبواب العقائد والفقه والأخلاق والتأسي بالنبي والشعائر التعبدية والشرائع والمعاملات.
السنة من الوحي
وأوضح نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن السنة النبوية من الوحي، مستدلا بعطف الله تعالى الحكمة على الكتاب في قوله “ويعلمهم الكتاب والحكمة”، أي أن من وظيفة النبي صلى الله عليه وسلم أن يُعلّم البشر الكتاب أي القرآن، والحكمة وهي السنة، كما قال الإمام الشافعي.
وقد ذكر الله تعالى أن الحكمة مُنزّلة كما أن الكتاب مُنزل، في قوله “وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة”. ونقل حسان بن عطية عن الصحابة قولهم إن جبريل عليه السلام كان ينزل على رسول الله بالوحي من السنة، كما كان ينزل عليه بالوحي من القرآن.
وأشار الشيخ البشير إلى أن صلة السنة بالقرآن الكريم وثيقة من حيث إن فهم القرآن لا يتأسس إلا من خلال الاكتمال بالسنة النبوية، ولذلك قال الله تعالى لنبيه الكريم “وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نُزّل إليهم”، والذكر يشمل الكتاب المتلو والمتعبد بتلاوته والمعجز بألفاظه أي القرآن، ويشمل وحي السنة غير المتلو وغير المتعبد به أو المعجز بلفظه.
علاقة السنة بالقرآن
وأوضح الشيخ البشير أن علاقة السنة بالقرآن تأتي في 3 أوجه: الأول أن تكون مؤكدة لحكم جاء به القرآن، والثاني أن تقوم ببيان القرآن كما هي الحال في بيان العبادات كالصلاة والحج وغيرهما، والثالث أن تستقل بتشريع لم يرد في كتاب الله.
وضرب البشير مثالا بحادث إنكار الخوارج على عمر بن عبد العزيز رجم الزاني المحصن وقضاء النساء الحُيّض للصيام دون الصلاة، بدعوى عدم وجود ذلك في كتاب الله، فسألهم بن عبد العزيز: وأنتم لا تقولون إلا بما في كتاب الله؟ قالوا: نعم، فقال: أخبروني عن عدد الصلوات وركعاتها وأركانها ومواقيتها، وعن الزكاة ونصبها ومواقيتها؟ فقالوا: أمهلنا، فأمهلهم 3 أيام ثم رجعوا، فقال: هل وجدتم في كتاب الله من شيء، فقالوا: لا، قال: كذلك صلى رسول الله فصلى المسلمون بصلاته، وكذلك أمر الحائض بأن تقضي الصيام دون الصلاة ففعلت نساء المسلمين.
وأضاف نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن السنة معناها من الله ولفظها من النبي صلى الله عليه وسلم، وقد تكفل الله بحفظ القرآن الكريم أصالة، والسنة كذلك تبعا لحفظ القرآن باعتبارها بيانا للكتاب، ولا يعقل أن يحفظ الله الكتاب ولا يحفظ بيانه، فقيض للسنة علماء ثقات أثباتا صالحين دفعوا الكذب عن رسول الله.